الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة "قبلة واحدة" تعيد إلى الواجهة تاريخا من الاعتداءات الجنسية ضد لاعبات كرة القدم

نشر في  27 أوت 2023  (09:54)

كانت كل الأنظار متجهة نحو بطلات العالم في كرة القدم وهنّ يحتفلن بفوزهنّ الأول بكأس العالم للسيدات في أستراليا.

حتى أن ملكة اسبانيا، ليتيسيا، تخلت عن بروتوكولاتها الملكية وتحركاتها القليلة والمدروسة، للاحتفال مع منتخب بلادها، وقفزت مرات عدة رافعةً يديها وهي ترتدي بدلة رسمية حمراء بلون زيّ المنتخب.

استمرّ ذلك الكرنافال الإسباني النسائي البهيج بألوانه ومشاعره الجياشة، قبل أن تحصل حادثة، تحوّل الحديث كلياً وتبعده عن الفوز واللاعبات، وتركزه على رجل، رجل واحد، هو لويس روبياليس.

قبّل لويس روبياليس، رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم، المهاجمة جيني هيرموسو على شفتيها فجأةً خلال احتفالات فوز إسبانيا 1-0 على إنجلترا في النهائي الأحد الماضي.

صُدم كثيرون من تصرف رئيس الاتحاد الغريب وعبرت هيرموسو عن انزعاجها من القبلة فوراً في غرف تبديل الملابس بعد انتهاء الاحتفال على الملعب، بينما كانت الإسبانيات يحتفلن بتتويجهنّ بطلات العالم.

 

اعتذر روبياليس، عن قبلته المباغتة يوم الإثنين، قبل إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) يوم الخميس أنه يبحث فرض إجراءات تأديبية ضده وتتغير لهجته كلياً.

وقال أمام اجتماع الجمعية العمومية الذي دعا إليه الاتحاد الإسباني لكرة القدم الذي يترأسه شخصياً، يوم الجمعة: "هل الأمر بهذه الخطورة كي تطالبون باستقالتي بعد أن قمت بأفضل عمل في تاريخ كرة القدم الإسبانية" وتابع بلهجة عنيفة وصارمة: "سأقول لكم شيئاً: لن أستقيل، لن أستقيل". وردد عدم نيته الإستقالة أربع مرات. مضيفاً أنه يتعرض لـ"اغتيال اجتماعي" وإنهم "يحاولون قتله (اجتماعياً)".

وتابع: "أنا لا أستحق هذه المطاردة". قائلاً: "جيني هي من حملتني ورفعتني في الهواء. قلت لها أن تنسى ركلة الجزاء (التي أضاعتها) وقلت لها: قبلة سريعة على الفم؟ وقالت: نعم" بحسب ادعاءاته.

وأضاف: "كانت قبلة متبادلة ومبهجة وتوافقية. هذا هو الأساس. هل قبلة سريعة بالتراضي كافية لإخراجي من هنا؟".

واعتذر روبياليس خلال الخطاب نفسه عن الإمساك بأعضاءه التناسلية أثناء الاحتفال في منطقة كبار الشخصيات في استاد أستراليا، حيث كانت ملكة إسبانيا ليتيسيا وابنتها إنفاتا صوفيا، البالغة من العمر 16 عاماً يقفان في مكان قريب.

ومن جهتها، نشرت هيرموسو بياناً طويلاً على حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد ساعات من تصريحات روبياليس وادعاءاته، قالت فيه: "أريد أن أوضح أن المحادثة التي أشار إليها السيد روبياليس في خطابه لم تحدث أبداً وبذلك، لم تحصل القبلة بالتراضي على الإطلاق".

وأكدت أن ادعاءاته "كاذبة بشكل قاطع وهي جزء من ثقافة التلاعب (على العقل والمشاعر)".

وتابعت: "أشعر بالحاجة إلى الإبلاغ عن هذه الحادثة لأنني أعتقد أنه لا ينبغي لأي شخص، في أي عمل أو رياضة أو بيئة اجتماعية، أن يكون ضحية لهذه الأنواع من السلوكيات غير التوافقية. لقد شعرت بالضعف وبأنني ضحية لسلوك مندفع وذكوري من دون أي موافقة من جانبي".

لتؤكد: "بكل بساطة، لم يتم احترامي".

وأشارت هيرموسو إلى أنها وعائلتها وزميلاتها في المنتخب كانوا "تحت ضغوطات كبيرة ومستمرة" كي تصدر بياناً "يبرر تصرف روبياليس".

وأضافت أن طريقة الرد على هذه الحادثة التي استطاع الجميع مشاهدتها على التلفزيون، "كانت جزءاً من الحياة اليومية لفريقنا لسنوات".

ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل قال الاتحاد الإسباني لكرة القدم السبت، إنه سيتخذ إجراءات قانونية ضد جيني هيرموسو بشأن تصريحاتها عن رئيسه لويس روبياليس.

واتهم الاتحاد اللاعبة بالكذب قائلاً في بيانه: "سيقوم الاتحاد الإسباني لكرة القدم والسيد الرئيس بإظهار كل الأكاذيب التي ينشرها شخص ما نيابة عن اللاعبة، أو، إذا كان ذلك ممكناً (قانونياً)، من قبل اللاعبة نفسها".

وقال الاتحاد: "الاتحاد الإسباني ورئيسه، ونظراً لخطورة محتوى البيان الصحفي الصادر عن اتحاد فوتبرو، سيبدأون بالإجراءات القانونية المناسبة".

وكان اتحاد "فوتبرو" نقل في بيان عن هيرموسو قولها "لم أسع بأي شكل إلى حمل ورفع الرئيس" أثناء احتضانهما لبعضهما البعض احتفالاً بالفوز على منصة الاحتفال.

وأضاف الاتحاد الإسباني لكرة القدم أن لاعبات المنتخب "ملتزمات" باللعب للمنتخب الوطني، بعد أن قالت 81 لاعبة إنهن لن يمثلن إسبانيا حتى يتم إقالة روبياليس من منصبه.

وكان وزير الرياضة الإسباني قال الجمعة إنه "يريد أن تكون هذه لحظة مماثلة لحملة أنا أيضاُ في كرة القدم الإسبانية" بعد أن بدأت الحكومة إجراءات قانونية تسعى إلى إيقافه عن العمل.

لوم الضحية

ساند منتخب انجلترا للسيدات الذي خسر أمام إسبانيا في النهائيات، بالاضافة الى نجوم كرة قدم إسبان من الرجال بينهم ديفيد دي خيا وإيكر كاسياس وهيكتور بييرين، هيرموسو في محنتها.

إلا أن البعض على مواقع التواصل الاجتماعي سألوا لماذا لم تتصرف بطلة العالم بطريقة أخرى مع روبياليس، ملمحين إلى أنها لربما كانت راضية على تصرفه، وهي حجة دائماً ما تستخدم لتجريد النساء ضحايا العنف الجنسي من حقهم وإلقاء اللوم عليهن.

تقول المعالجة النفسية زينب عجمي في اتصال مع بي بي سي نيوز عربي، إن رد فعل من يتعرض لنوع من أنواع العنف الجنسي، تختلف من شخص لآخر بحسب عوامل عدة، منها نوع شخصيته ومستوى مرونته وغيرها من العوامل.

إلا أنها تؤكد أنه في غالبية الأحيان، تتعرض الضحية لما يسمى بـ"الصدمة الأولية"، ولا تستطيع "استيعاب ما حصل معها" وقد يصل الأمر في بعض الأحيان الى "إنكارها التام لذاتها" ولما حدث.

وتضيف عجمي أن رد فعل ضحايا الاعتداء الجنسي تدخل في مراحل مختلفة، أبرزها مرحلة الاستجابة العاطفية التي عادةً ما تلي الصدمة الأولية والتي يمكن للضحية خلالها أن تشعر بالحزن والغضب والخوف والذنب والعار. وتؤكد أن بعض الأشخاص يقومون بقمع مشاعرهم بشكل تام، بينما يعبر آخرون عنها علناً.

بي بي سي